إذا سلمنا بالمعطيات في القضية الرياضية، فلا بد أن نقبل النتائج وبدلك تكون الرياضيات في مراحل تطورها التاريخي المختلفة هي الضرورة التي تربط طرفي القضية الرياضية، وهكذا تكون هي الكيان الوحيد في عالم العلم الذي يولد كاملاً أو ناضجا.
لا بد من ملاحظة أن علم الرياضيات هو علم الضرورة المطلوبة في الاستنتاج العقلي واليقين المطلق رغم أنها مجرد بناء عقلي مدعومة بمنطق كامل، وعلم الرياضيات لا يحتاج للعلوم التجريبية التي تعتمد على شهادة الحواس، فالرياضيات قد تحتاج إلى عالم مثالي قد لا يكون صادق على الواقع، بناء على ذلك فليس مطلوب من عالم الرياضيات البحثة أن يستثني الخبرات الواقعية التجريبية ولا حتي عن طريق الرياضيات التطبيقية.
الرياضيات هي اللغة الوحيدة بين اللغات العالم المنضبطة والتي قال عنها العالم الألماني عمانويك كنت (1724، 1804) هي الحظ السعيد للعقل البشري، وهي في الحقيقة هدية الله للإنسان.
علم الرياضيات علم مطرَد ويومه أفضل من أمسه، ويختلف عن العلوم التجريبية التي تلغي المراحل اللاحقة فيها المراحل السابقة لها، فعلم الرياضيات يستوعب تطورها المشاكل القديمة ويقدم طرق أبسط وأعمق لحلها، ويفتح أفاق جديدة تستوعب ما يحدث من تقدم، بل ويسبقه، فالرياضيات سابقة لعصرها على الأقل بقرن كامل من الزمان ولا يسخر من براهين العلماء السابقين في هذا المجال، فما زال علماء الرياضيات في عصرنا هذا يستخدمون نظرية فيثاغورت التي برهنت قبل الميلاد بقرون، وستظل هندسة إقليدس نموذج لبناء رياضي.
لقد لاحظ ألبرت أينشتاين أن استخدام الهندسة الاقليدية قد لا يفي بالغرض في هذا الكون، ولهذا أستخدم بناء رياضي آخر هو الهندسة الإقليدية (هندسة ريمان).
العالم الألماني ريمان (1826-1866)، لا يعتقد في هندسته على السطح المستوي، ولكن يعتمد على السطح المحدب.
الرياضيات هي أداة ولغة ولا توجد لغة أخري غيرها يمكن أن تصف ظواهر هذا الكون بطريقة من التمام والبساطة والدقة.
الرياضيات هي صياغة علاقات صادقة وصالحة كل عالم، وما على هذا العالم إلا تطبيقها في عالمه.
شهد علم الرياضيات في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ثورة ومنجزات في المنطق الرياضي أو الرياضيات المنطقية مع علماء مثل العالم الانجليزي برتراند رسل (1872-1970)، والعالم الانجليزي ألفرد وايتهد (1861-1947)، فقد عبر رسل عن العلاقة بين المنطق والرياضيات بقوله المشهور” إنها لا يختلفان إلا كما يختلف الصبي عن الرجل، فالمنطق هو صبا الرياضيات والرياضيات هي رجولة المنطق”.
أخرج رسل ووايتهد معا كتابهما المشهور “بربكيبا ماثيماتيكا” أي أصول الرياضيات وهو من معالم القرن العشرين في الرياضيات، والذي يحتوي على ثلاثة هي : الإثبات ، والنفي ، والبدائل، والتي بواسطتها تم التدوين الرمزي من استنتاج قواعد المنطق والرياضيات البحثة، وفي العام 1931أخرج العالم كورت فودل نظريته المشهورة ” نظرية اللاكتماك”، فلقد أشترط فودك شروط أخري لكي يكون البناء الرياضي مكتملا ذاتيا.
فعلى سبيل المثال برهنة أو حل نظرية فيرمات الأخيرة يتعدى حدود البناء الرياضي في نظرية الأعداد.
في سنة 1872 قاد العالم يوج كانتور(1845،1918)، إلى مجال جديد في الرياضيات والذي أستخدم على نطاق واسع وهو مجال نظرية المجموعات.
في سنة 1872قادة العالم جورج كانتور(1845-1918)، إلى مجال جديد والذي يستخدم على نطاق واسع في الرياضيات في وقتنا الحالي وهو مجال نظرية المجموعات.
الرياضيات شجرة مغروسة في الحقائق وجدورها تمتد الآف السنين وأغصانها متفرعة إلى كل علم الرياضيات يساعد كثيراً في كشف ذلك الغموض، وهي أساس لمعرفة حقيقية للظواهر الطبيعية.
كتبه أ.د. رمضان محمد جهيمة